نملة.. مملكة الراحة المظلمة
قصة قصيرة للأطفال — رسوم كرتونية تحت جذور شجرة البلوط العتيقة
في مستعمرة كبيرة ومزدحمة تقع تحت جذور شجرة البلوط العتيقة، عاشت نملة صغيرة اسمها نملة. كانت نملة ذكية ورشيقة، لكن كانت لديها مشكلة واحدة كبيرة: لم تكن تحب العمل على الإطلاق!
بينما كانت آلاف النملات الأخريات يسرعن بالخطى، يحملن قطع السكر وأوراق الشجر وبقايا الطعام، كانت نملة تتثاءب بخمول وتقول لنفسها: يا إلهي، كل هذا العمل ممل جدًا!
كانت رئيسة النمل، النملة القائدة شديدة النشاط، تراقب نملة بعينيها الواسعتين. نملة! أسرعي! يجب أن ننقل هذه الحبة الكبيرة قبل أن تمطر!
تنهدت نملة وقالت في داخلها: كفى، لقد سئمت!
قرار الانفصال
في أحد الأيام، بينما كانت نملة تساعد صديقتها منال في سحب بذرة سمسم ثقيلة، شعرت بالتعب الشديد. ألقت بالبذرة جانبًا وقالت: منال، أنا لن أستطيع الاستمرار. أريد أن أجد مكاناً حيث لا يوجد عمل، فقط راحة ومتعة!
حاولت منال إقناعها لكنها رضيٰت نملة عن قرارها. في المساء، تسللت خارج نفق المستعمرة حاملة قطعة خبز كزاد لها، حتى وصلت إلى مكان هادئ تحت صخرة كبيرة.
مملكة الراحة الكئيبة
في اليوم الأول،
استمتعت نملة براحتها الجديدة. نامت حتى الظهر، وأكلت قطعة الخبز ببطء، ثم استلقت
تشاهد الغيوم. في البداية، كان الأمر ممتعًا.
لكن في اليوم الثاني،
بدأت تشعر بالملل. حاولت أن تلعب بالحصى، لكن لا يوجد أحد يشاركها اللعب. حاولت أن
تتحدث إلى دودة صغيرة مرت بجانبها، لكن الدودة لم تفهم لغة النمل.
في اليوم الثالث،
شعرت نملة بالوحدة تجعل قلبها يتقلص.
لم يعد
هناك ضحكات الأصدقاء، ولا أغاني العمل التي
كانت النملات ترددها، ولا السباق الممتع إلى
ثقب الجدار. الراحة المطلقة كانت مملة جدًا.
قالت نملة في يأس:
"لقد أصبحت ملكة مملكة الراحة، لكن هذه المملكة مظلمة وكئيبة!"
نفدت
قطعة الخبز التي كانت معها. شعرت نملة بالجوع الشديد. حاولت أن تبحث عن طعام،
لكنها اكتشفت أن حمل قطعة صغيرة من السكر بنفسها كان أصعب بكثير مما كانت
تعتقد. عندما كانت تعمل مع أصدقائها، كان وزن قطعة السكر لا يُذكر. الآن، كانت
قطعة صغيرة وكأنها جبل!
العاصفة والندم
في الليلة الرابعة،
بدأت سماء الغابة تتلبد بالغيوم السوداء. هبت عاصفة قوية، وبدأت الأمطار تهطل
بغزارة. كان مكان نملة تحت الصخرة آمناً من المطر، لكنه لم يكن دافئاً أو جافاً
مثل نفق المستعمرة.
شعرت
نملة بالبرد والرعب. بدأت تفكر في صديقاتها: أين منال الآن؟ بالتأكيد هي
وأصدقاؤنا يعملون معًا لإغلاق فتحات النفق، وهم دافئون وآمنون. أنا غبية!
أدركت
نملة أن العمل لم يكن مجرد حمل أشياء؛ كان العمل يعني الدفء،
والأمان، والصداقة، والحياة. عندما انفصلت عن العمل، انفصلت عن كل شيء
جميل في حياتها.
لم تعد نملة تحتمل
الوحدة والخوف. قررت أن تعود، حتى لو عاقبتها النملة القائدة.
العودة إلى البيت والدفء
عندما توقف المطر في
الصباح الباكر، ركضت نملة بأقصى سرعة عائدة إلى شجرة البلوط. كان المدخل مغلقاً
بإحكام لحمايتهم من الفيضان.
بدأت نملة تنادي بصوت
خافت وضعيف: "منال! نملة القائدة! أنا نملة! أرجوكم افتحوا!"
بعد لحظات، فُتح جزء
صغير من الباب، وظهر وجه منال الصغير. عندما رأت منال نملة، ابتهجت!
"نملة! أين
كنتِ؟! لقد كنا قلقين جدًا عليكِ!"
دخلت
نملة النفق، وشعرت على الفور بموجة من الدفء والأمان.
كانت المستعمرة مزدحمة بالعمل؛ النملات يجففن الجدران، ويعدن ترتيب المخزون،
ويصلحن الأضرار. كان هناك طاقة وحياة لم تشعر
بها نملة تحت صخرتها الصامتة.
العمل هو المتعة
الحقيقية
شرحت نملة القائدة
بهدوء: "أهلاً بكِ نملة. لقد أردتِ الراحة المطلقة، ووجدتِها. فماذا
تعلمتِ؟"
انحنت
نملة بخجل وقالت بصدق: "العمل معًا ليس عبئًا، إنه أفضل
شيء في الحياة! عندما كنت وحدي، لم أستطع حمل حتى أصغر حبة، وكنت خائفة
وباردة. لكن هنا، نحن أقوياء! من فضلكِ، اسمحي لي أن أعمل، وسأكون الأكثر نشاطًا
في المستعمرة!"
ابتسمت
النملة القائدة. "هذا هو درس المستعمرة يا نملة. قوتنا في
وحدتنا، وسعادتنا في عملنا. لا يوجد متعة في الراحة الطويلة. المتعة
الحقيقية تأتي بعد جهد تستحقه، وبمشاركة الأصدقاء."
منذ
ذلك اليوم، أصبحت نملة من أكثر النملات نشاطًا وحماسًا. كانت تبتسم وهي تحمل أثقل
البذور، وتغني وهي تركض في صفوف العمل. لم تعد نملة تبحث عن الراحة المطلقة، بل
كانت تبحث عن المتعة في الإنجاز، وعرفت أن الراحة
تصبح أحلى بكثير عندما تشاركها مع الأصدقاء بعد يوم طويل من العمل.